كل العالم حاليًا أنظاره متجهة نحو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
هذا الزعيم الذي يريد إعادة أمجاد روسيا القيصرية.
لا يعرف الكثير عن حياته المثيرة للجدل ولا عن شخصيته الغامضة
مادلين أولبرايت أوّل دبلوماسية أمريكية تلتقي ببوتين رسميًا في التسعينات، في تقريرها عن هذه الشخصية قالت أنّها صُعقت
لأنها شعرت أنها تجلس أمام شخص سايكوباثي بلا عواطف، لم تكن قادرة على قراءة تعابيره، ولا تستطيع التنبؤ بانطباعاته وردود أفعاله ابتسامته كانت باردة
وبالفعل؛ حسب كلام بعض المحللّين يعتبر بوتين من أكثر الزعماء اتزانًا وثباتًا في لغة الجسد
يحاور بشكل جيّد دون حاجته لمستشارين في الحوارات السياسية كما يقولون.
بوتين من مواليد الاتحاد السوفييتي ( روسيا حاليًا ) وعمره الرسمي قارب ال 70سنة ( مولود سنة 1952 ) ، رغم أن بعض المؤامرتيين يشككون بهذا العمر، ويعتبرون بوتين أكبر من ذلك
نشأ في عائلة متواضعة وكانت طفولته منعزلة بسبب انشغال والديه بالعمل، وممكن هذا الشيء عزز عند بوتين السريّة.
لذلك حاول منذ مراهقته الالتحاق بـ المخابرات السوفياتية KGB
وبالفعل نجح بذلك في العشرينات وعمل كجاسوس سوفيتي وكشفت المخابرات أحد هوياته الجاسوسية المستخدمة للتجسس منذ سبعينيات القرن الماضي.
لاحقًا حدث ما هو لافت، بوتين ارتقى بسرعة في سلم المناصب، إلى أن أصبح رئيسًا لروسيا في سنة 1999
الغريب أنّه أصبح رئيسًا لروسيا دون انتخاب الرّوس له!
استقال حينها الرئيس الروسي الفعلي بوريس يلتسن، وسلّم منصبه لفلادمير بوتين الذي كان رئيسًا للوزراء ذلك الوقت على طبق من ذهب.
في فترة بوتين الرئاسية الأولى استطاع ضم الشيشان كجزء من روسيا، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي لمدة 13 سنة
وفي الفترة الثانية وصف بوتين أن انهيار الاتحاد السوفيتي
"من أعظم كوارث القرن العشرين"
هذا التصريح كان مؤشّر حينها على نواياه هذه في التوسّع
استمر بوتين في منصب الرئاسة لدورتين (1999-2008 ، 2012–وحتى الآن)
في 2008 غزت روسيا أحد الجمهوريات السوفيتية السابقة"جورجيا" وفصلت عنها منطقتين وهما : جنوب أوسيتيا وأبخازيا، وهذه كانت بداية واضحة لتمرد روسي لديه أطماع جغرافية وقومية.
وفي سنّة 2014 غزى بوتين شبه جزيرة القرم، واليوم يغزو بوتين أوكرانيا، مما لا يدع مجالًا للشكّ أنّ هذه الشخصية الرّوسية القومية تسعى لتغيير ميزان القوى في العالم
لكن لا تجري الرياح بما تشتهي السّفن، الغرب وعلى رأسه أمريكا كان دائمًا بالمرصاد
فبعد الغزو الروسي للقرم فُرضت عقوبات قاسية على روسيا، تم استبعادها من مجموعة الثمان الكبار G8، وتغيرت اسم هذه المجموعة للسبع الكبار
أنهارت العملة الروسية من العقوبات ونتيجة لذلك تقلصت ميزانية الجيش الروسي.
ظهرت على بوتين خطوات استتراتيجية لافتة بعد العقوبات الغربية
حاول بوتين إنشاء ترسانة إعلامية مناهضة للغرب، من ضمنها "RT" وكانت منافس غير معتاد لوسائل الإعلام الغربية مثل "CNN" و "BBC" ، ولاقت أفكارها شعبية هائلة خصوصًا لدى الرأي العام الأمريكي المحافظ
روسيا اليوم RT كانت منافس قوي وغير تقليدي وكأنها كانت تحاول إظهار فشل بنية الديمقراطية الغربية وزرع الشك لدى الرأي العام الأمريكي في مصداقية مؤسساته
بالتالي أنتقل بوتين للحرب الهجينة التي تجمع بين الحرب التقليدية والحرب المعلوماتية.
في تلك الأثناء تفاجأ بوتين بظهور شخص مغمور على الساحة وهو "دونالد ترامب" الذي أظهر خطابات لينة تجاه روسيا وحادة تجاه أوروبا
حينها كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 ومنافسة ترامب هي هيلاري كلينتون التي تناصر السياسة العدائية ضد روسيا
كل العلامات كانت تشير لفوز هيلاري في الانتخابات، لكن ماذا حدث؟!
أكثر من مليون تغريدة معادية لهيلاري نُشرت فجأة كذلك وصلت التعليقات المعادية لأكثر من 120 مليون تعليق على الفيس بوك
كما أن قناة روسيا اليوم بدأت بترويج أخبار غريبة تسرد فضائح مربكة لعائلة كيلنتون
قبل 3 أشهر من إعلان نتيجة الانتخابات زادت حرب بوتين الهجينة،حصل هجوم سيبراني على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهيلاري كيلنتون وسرقة رسائل بريدية يسيء محتواها لهيلاري
وثم بدأت مؤسسة تسمى ويكليكس بنشر تلك الرسائل التي عُرفت باسم "بيتزا-جيت".
بعد ما كانت كل المؤشّرات تدلّ على فوز هيلاري، تغيّرت المؤشرات في 3 أشهر فقط، وشاءت الأقدار أن يتم إعلان فوز دونالد ترامب! ولم تثبت اي تهمة لتواطئ ترامب
الرّوس كانوا جيدين في إخفاء أي دلائل تورّطهم، لذلك لم يستطع أحد حتى الآن إثبات ذلك بالأدلة القانونية الحاسمة.
وهكذا استطاع بوتين إظهار نفسه كعراب بالتأثير على الانتخابات الأمريكية حينها، وتقليل هيمنة الحزب الديموقراطي، وزرع الإنشقاقات بالرأي العام، والتحايل على العقوبات مع فوز ترامب، كما أنه كان له دور في إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوروبي.
🛑وهذا هو الصعود الكبير للرئيس فلاديمير بوتين.
0 تعليقات